اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 335
مترددين فيه وعلى اى شأن وفي كل حال يصعب عليكم امره إذ هو يفزعكم ويفجعكم البتة وإذا كان حالكم عند حلول هذا وشأنكم هكذا ماذا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ سبحانه حلوله الْمُجْرِمُونَ المستحقون لانواع العقوبة والعذاب مع انه مكروه كله سيما بالنسبة إليهم
أَتنكرون وتكذبون وتصرون على ما أنتم عليه من الكفر والشرك الى وقت حلول العذاب ثُمَّ إِذا ما وَقَعَ ونزل آمَنْتُمْ بِهِ والحال ما ينفعكم الايمان حينئذ إذ قيل لكم في تلك الحالة من وراء سرادقات العز والجلال آلْآنَ ايها الضالون المكذبون آمنتم به وَالحال انه قَدْ كُنْتُمْ من شدة انكاركم وإصراركم بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ استهزاء وسخرية
ثُمَّ قِيلَ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا بالله بالخروج عن مقتضى أوامره وحدوده سبحانه ذُوقُوا بدل ذوقكم واستلذاذكم بتكذيب الرسل والاستهزاء بهم عَذابَ الْخُلْدِ المستمر الدائم الذي لا ينقطع ابد الآباد وبالجملة هَلْ تُجْزَوْنَ وما تعاقبون أنتم إِلَّا بِما كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ في النشأة الاولى من الجرائم العظام والمعاصي والآثام
وَبعد تبليغك إليهم يا أكمل الرسل مآل أمرهم وعاقبة حالهم انهم يَسْتَنْبِئُونَكَ ويستخبرونك على مقتضى أكنتهم المستكنة في قلوبهم أَحَقٌّ هُوَ اى ما أخبرت به من الوعيدات الهائلة يعنى أجدّ هو أم هزل وتخويف قُلْ يا أكمل الرسل مبالغا في تحقيقه وتقريره إِي وَرَبِّي اى اقسم بحق ربي الذي رباني على الصدق والعدالة وانواع الامانة والكرامة إِنَّهُ لَحَقٌّ اى عموم ما أخبرت به بوحي الله والهامه ثابت محقق مطابق للواقع بلا شبهة وتردد في وقوعه وثبوته وَما أَنْتُمْ ولستم في وسعكم وطاقتكم سيما بأمثال هذه الشبهات الواهية والظنون والجهالات الناشئة من الأوهام والخيالات بِمُعْجِزِينَ مسقطين العذاب النازل عليكم
وَكيف تسقطون عذاب الله عنكم ايها الجاحدون الجاهلون مع انه لَوْ فرض وقدر أَنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ وخرجت عن مقتضى أوامر الله ونواهيه تملكا وتصرفا عموم ما فِي الْأَرْضِ من الخزائن والدفائن جميعا لَافْتَدَتْ بِهِ البتة بل بأضعافه وآلافه ان قبلت الفدية منها فافتدت وَبعد افتدائهم وافدائهم هذه قد أَسَرُّوا النَّدامَةَ واضمروا اليأس والحرمان في نجواهم لَمَّا رَأَوُا الْعَذابَ اى حين عاينوا به وبأهواله وافزاعه وهم حينئذ قد ندموا عما افتدوا بمقابلته وقنطوا عنها مطلقا مستقلين بما افتدوا وافدوا وَبالجملة لم تنفعهم الفدية ولم يفدهم الافتداء أصلا بل قُضِيَ بَيْنَهُمْ وحكم عليهم بِالْقِسْطِ والعدل السوى الإلهي وبمقتضى حكمته وحكومته وَبالجملة هُمْ لا يُظْلَمُونَ في جزاء ظلمهم وكفرهم وكيف يتصور الظلم والجور من لدنه سبحانه مع ان الكل من انجلال أسمائه وعكوس أوصافه
أَلا إِنَّ لِلَّهِ وفي حيطة حضرة علمه وقدرته عموم ما ظهر فِي السَّماواتِ وَكذا عموم ما ظهر في الْأَرْضِ من الكائنات والفاسدات يعذب من يشاء عدلا منه ويرحم على من يشاء فضلا أَلا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ الذي قد وعد لعباده من الثواب والعقاب حَقٌّ محقق ثابت لا محالة إذ لا يجرى الخلف في وعده أصلا وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لقصور فهمهم وقلة تدبرهم في أحكامه المبرمة وحكمته المتقنة لا يَعْلَمُونَ حقية وعده ولا يؤمنون بها جهلا وعنادا وكيف يشكون ويترددون أولئك المصرون المعاندون في سعة حوله وقوته وكمال قدرته وتستبعدون منه سبحانه انجاز وعده ووعيده
إذ هُوَ يُحيِي اى يظهر ويوجد بالتجلى الحبى الجمالي أولا هياكلهم وأشباحهم مع انهم لم يكونوا شيأ مذكورا وَبعد ما احيي واظهر عموم ما اظهر يُمِيتُ يعدم بالتجلى القهرى الجلالي
اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 335